الباصات الحمر تصل أخيراً إلى بغداد

فاطمة كريم – بغداد

“تعبت جدًا من وسائل النقل الرديئة التي لا توفر أي وسائل راحة في ظل ارتفاع درجات الحرارة، ومرتبى الشهري لا يكفي لاستخدام التاكسي، لكن بعد فتح خطوط النقل أصبح الأمر أفضل بكثير”. هكذا بدأت منى حديثها عن الحل الذي وجدته لانهاء معاناتها اليومية أثناء ذهابها إلى العمل حيث تقطع مسافة تقارب 40 كم يوميًا ذهابًا وإيابًا.

منى محمد، البالغة من العمر 42 عامًا، تقطن في منطقة بغداد الجديدة وتعمل موظفة في إحدى الشركات التي تقع في منطقة الكاظمية المقدسة ببغداد. 

تواجه منى الكثير من الصعاب في وسائل النقل العامة أثناء ذهابها إلى عملها بسبب الازدحامات المرورية الخانقة ورداءة بعض وسائل النقل، وخصوصًا ما يعرف بـ “الكية” وهي نوع سيارة نقل منتشر بكثرة في بغداد، مما جعل آلاف الأفراد مثل منى يعانون من صعوبة الوصول إلى عملهم.

مع افتتاح وزارة النقل لخطوط نقل جماعي جديدة في بغداد، بدأت منى تشعر بوجود بارقة أمل. فهي الآن تستقل حافلة حديثة ونظيفة، تنعم فيها بالهواء البارد والمساحة الكافية، بينما تتجه بخطوات ثابتة نحو عملها دون قلق من الازدحام أو التأخير.

تقول منى: “الآن تم فتح خط نقل جماعي جديد يمر من أمام مكان عملي، فقد وفر لي الكثير من الوقت، كما أنه يتميز بأسعار رمزية مقارنة بباقي الوسائل”.

تأتي هذه الخطوة الجديدة من قبل وزارة النقل في إطار جهودها لتحسين منظومة النقل العام في بغداد، وتخفيف معاناة المواطنين من الازدحامات المرورية والحرارة المرتفعة.

وتتميز هذه الحافلات بكونها مكيفة ومريحة وذات أسعار رمزية تتراوح بين 500 إلى 1000 دينار عراقي، وتسير على خطوط منظمة تغطي مختلف مناطق المدينة.

وزير النقل رزاق محيبس أعلن عن افتتاح خط النقل الجماعي الـ30 في منطقة الأعظمية، مبيناً أن هذا الخط هو الأول من أصل 5 خطوط ستفتتح تباعاً في المنطقة.

وقال محيبس للمنصة: “استمراراً في تنفيذ خطة وزارة النقل المنسجمة مع البرنامج الحكومي في إعادة تفعيل النقل الجماعي من أجل فك الاختناقات والازدحامات المرورية في بغداد وباقي المحافظات، باشرت وزارة النقل ممثلة بكوادرها في شركة المسافرين والوفود وبدعم مباشر من قبل رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، تم افتتاح الخط رقم 30 في منطقة الأعظمية”.

وأضاف وزير النقل أن الخط رقم 30 يبدأ من ساحة الموال في شارع فلسطين ثم جامعة الإمام الصادق (ع) ثم الكلية التربوية الأساسية ونفق النداء وبعدها شارع المشاتل ثم ساحة عنتر ورأس الحواش وجسر الأئمة وشارع أكد ومول الكاظمية ثم منطقة الدروازة وساحة الجواد ويعود بنفس المسار. وأكد أن “هذا الخط سيخدم شرائح كبيرة من المجتمع العراقي وخاصة الزائرين لمدينتي الكاظمية المقدسة والأعظمية”.

الوزير محيبس أشار إلى أن “خط 30 الذي افتتح هذا اليوم هو من أصل 72 خطاً سيتم افتتاحها تباعاً”، موضحاً أن “التنسيق جارٍ بين وزارة النقل والمحافظات من أجل تفعيل النقل العام مرة أخرى في هذه المحافظات”. وبين أن “المحافظين متفاعلون مع وزارة النقل بضرورة تفعيل النقل الجماعي لأهميته في حياة المواطن العراقي”.

فوائد هذه الخطوط الجديدة تشمل معظم سكان بغداد، ومنهم كاظم فليح، البالغ من العمر 35 عامًا، الذي يقطع مسافة طويلة يوميًا للوصول إلى عمله. يقول: “وفرت لنا هذه الخطوط وسائل راحة أكثر ونحن بحاجة إليها بشدة بسبب الكثافة السكانية في بغداد وكثرة عدد السيارات، فمن الضروري توفير مثل هذه الخطوط”.

إقبال الناس على هذه الوسائل الجديدة كبير جدًا بحسب وزارة النقل، وهذا يعتبر مؤشرًا جيدًا للعمل على مثل هذه المشاريع وتشجيع الأفراد على النقل الجماعي الذي يحد من كثافة المركبات في الشوارع وكذلك من التلوث الجوي الناتج عن عوادم السيارات.

وأفاد العميد زياد القيسي، مدير قسم الإعلام في مديرية المرور العامة، أن حوالي أربعة ملايين مركبة تشمل السيارات وسيارات الحمل والدراجات النارية ومركبات “التك تك” تجوب شوارع العاصمة يوميًا، في حين أن بغداد مخصصة لاستيعاب 800 ألف عربة فقط.

لا تتمثل المشكلة في عدد المركبات التي تصدر الانبعاثات السامة وحسب، إنما يتحدث خبراء ومختصون عن مشكلة أخرى تتعلق بنوعية الوقود المستخدم في هذه المركبات. إذ يوجد اليوم ثلاثة أنواع من منتجات البنزين تباع في المحطات هي البنزين العادي والمحسن والسوبر، ومعظم المركبات تعتمد على النوع الأقل جودة.

يواصل كل من منى وكاظم وباقي الأفراد رحلتهم اليومية إلى أماكن عملهم، ويأمل البعض في توفير عدد أكبر من خطوط النقل وتخصيص مسارات خاصة لحركة هذه الحافلات، بالإضافة إلى تنظيم أماكن الوقوف والانتظار.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى