الأرتال الامريكية الأخيرة: رسالة للداخل العراقي أم للنظام السوري؟

بغداد- منتظر الخرسان

لازال الغموض يكتنف تحرك واستبدال القوات الامريكية غربي العراق بقوات جديدة مع زيادة مئات من الجنود وإعادة نشرها عند الحدود السورية من دون بيانات رسمية للحكومة عراقية توضح ملابسات الأمر.

التحرك الأمريكي الأخير بأرتال طويلة وطائرات شحن تحط وتصعد في قاعدة عين الأسد أثارت لغطاً كبيراً، اذ تم تناقلها عبر مواقع التواصل الاجتماعي على أن هذه القوات جاءت لإسقاط النظام الحالي في العراق.

هذا التكهن بحسب مراقبين جاء على خلفية امتعاض فئات واسعة من العراقيين من الأداء الحكومي والسياسي في البلاد فيما يرى اخرون ان وجود هذه القوات وانتشارها عند الحدود السورية هو محاولة لقطع إمدادات السلاح عن الطريق الممتد من ايران مرورا بالعراق وحتى سوريا ولبنان.

قيادة عمليات “العزم الصلب” الأمريكية وهو الاسم الرسمي للعمليات التي يقودها التحالف الدولي لمواجهة تنظيم “داعش” في العراق بررت هذا التحرك باستبدال الجنود العاملين بصفة غير قتالية بما يشمل أيضاً استبدال معدات قتالية.

في المقابل، اشارت تقارير صحفية أجنبية إلى أن القوات التي حلت الآن هي الفرقة الجبلية العاشرة والتي قوامها 2500 مقاتل جاءت لتنتشر على الحدود العراقية السورية وكذلك في الداخل السوري فضلاً عن ارسال الجيش الأمريكي قوافل جديدة من الشاحنات العسكرية التي تنقل الأسلحة والإمدادات اللوجستية من العراق إلى محافظة الحسكة في سوريا وأن القوات الأميركية المتمركزة في القاعدة العسكرية بمنطقة التنف السورية تتلقى قوافل مستمرة ومختلفة من المعدات العسكرية تأتيها من قاعدة عين الأسد غربي العراق.

لكن الحكومة العراقية بقيت صامتة من دون أي بيان يوضح ما حصل حتى خرج المستشار الأمني لرئيس مجلس الوزراء خالد اليعقوبي في تصريح صحفي أشار فيه إلى أن ما حصل هو استبدال للقطعات الامريكية الموجودة في سوريا ولا يوجد تحشيد للقوات الامريكية في العراق.

ويرى مراقبون ان الانتشار الأمريكي الحالي يهدف إلى إعادة تنظيم خارطة الوجود العسكري في المنطقة خصوصاً وان هناك تقارباً إقليميا بين العراق ومحيطه العربي فضلا عن التقارب السعودي الإيراني في الآونة الاخيرة، وقد تتضمن رسائل محددة للجانب الايراني والتركي والفصائل المسلحة التابعة لهما، مستبعدين أن تكون هناك اي خطوة للمساس بالداخل العراقي.

أستاذ العلوم السياسية الدكتور نجم الغزي في حديثه للمنصة يرى ان احتمالية فتح جبهة قتالية من قبل الولايات المتحدة الامريكية في العراق أمر مستبعد، فالأولوية حسب الغزي بالنسبة لواشنطن هو ما يحصل في اوروبا الشرقية وأوكرايينا.

ويرى الغزي بأن “الملف الاقتصادي هو الافضل للامريكان للإيقاع بأي نظام من دون الدخول في اي معركة قتالية فالدولار الامريكي هو المتحكم الان في السوق العراقية اذ ما أرادوا التأثير بالملف الداخلي”.

الفصائل المسلحة المتواجدة في العراق اصدرت بيانا تجاه هذا التحرك وصفته بـ “المريب”. وذكرت حركة النجباء بأنها “في المقاومة الإسلامية كنا وما زلنا على موقفنا وقولنا بأن المحتل الأمريكي المتغطرس لا تنفع معه الحلول السياسية أو الدبلوماسية ولا التفاهمات الدولية ولن تجدي معه نفعاً كونه بارع في لغة التسويف والاحتيال واستغلال خيرات البلدان ونهبها”.

وطالب بيان الحركة “جميع القوى الدينية والاجتماعية والسياسية في العراق باتخاذ موقف عملي تجاه هذه الانتهاكات الصارخة” موجهاً نداءً إلى “كل المجاهدين” للانتباه لأي تحرك آخر.

اما تصريحات امين عام “عصائب اهل الحق” الشيخ قيس الخزعلي فأشارت الى ان التحركات التي حصلت هي بعلم الحكومة العراقية وان “القوات القتالية الأمريكية في العراق لن تزيد جنديًا واحدًا”.

الخبير الامني احمد الشريفي يجد ان القرار الامريكي مؤخرا هو محاولة عزل خطوط التماس البرية بين إيران وسوريا ولبنان عن طريق العراق والذي يسمى بالعزل الجغرافي وان اعادة الانتشار الامريكي “قد يشير الى انها تعيد طريقة التموضع من اجل تنفيذ عمليات خاصة وقطع عمليات الدعم البري للفصائل الموجودة في سوريا”.

الباحث السياسي قاسم الربيعي رجح في حديثه للمنصة بان “الخطوات الأخيرة التي أقدمت عليها القوات الامريكية واضحة فانتشارها عند الحدود السورية العراقية يعني الامساك بممر عبور الامدادات المسلحة التي تصل الى الفصائل في سوريا ولبنان وقد تكون هذه الخطوة التي تسبق الإطاحة بالنظام السوري الحالي”.

وأضاف الربيعي أن “وصول حاملات الطائرات الى البحر المتوسط وكذلك تواجد القوات في البحر الأحمر كلها مؤشرات الى ان الخطوات المقبلة قد تضعضع المنطقة فمن المتوقع ان يكون شهر تشرين الأول (اكتوبر) من العام الحالي حاسماً في المنطقة”.

تصريحات مشابهة وردت على لسان رئيس “ائتلاف دولة القانون” نوري المالكي احد ابرز الكتل المتحالفة مع الاطار التنسيقي في حديث متلفز بان الغلق الذي يحصل على سوريا لاحكام الحصار عليها وتحريك الوضع الداخلي في الجنوب ليتم استهداف النظام من خلال إسقاطه و تغييره.

وتناقلت وسائل اعلام ان قائد فيلق القدس الإيراني إسماعيل قآني في زيارته الأخيرة الى العراق في 21 آب (أغسطس)الحالي وبعد لقاء جمعه برئيس الوزراء محمد شياع السوداني واعقبه اجتماع بقادة الفصائل المسلحة وجههم بمنع أي استهداف للارتال الامريكية في الوقت الحالي.

وتبقى تحركات القوات الامريكية غامضة وغير معلومة الخطط والاهداف وما يخرج اليوم من تصريحات وردود أفعال ما هو سوى محاولة لربط الخيوط من أجل التكهن بطبيعة الخطوة المقبلة.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى