أحزاب السلطة تعود إلى الناصرية بعد أربع سنوات من طردها منها

    ذي قار- منتظر الخرسان

بعد أن كانت ذي قار أول محافظة عراقية أسقطت مجلسها المحلي واحرقت مبناه إبان الحراك الاحتجاجي عام ٢٠١٩ رفضاً لأداء الأحزاب التقليدية وفشلها في إدارة البلاد على مدار 20 عاماً الا أن الأحزاب عادت اليوم إلى ذي قار من جديد بعد إعلان نتائج الانتخابات التي أظهرت تقدمها بمجموع 61% من المقاعد المخصصة لذي قار.

وانطلقت انتخابات مجالس المحافظات في العراق في الثامن عشر من كانون الاول 2023 وسط مشاركة ضعيفة ومقاطعة من التيار الصدري وجزء من جماهير حراك تشرين لتبدأ المنافسة بين 332 مرشح لشغل 18 مقعد في مجلس ذي قار.

وبلغت نسبة المشاركة 31% بواقع تجاوز الـ 300 الف ناخب فيما تجاوز عدد المقاطعين 644 الف ناخب اي بنسبة 69%.

هذه المشاركة الضعيفة مثلت فرصة بالنسبة للأحزاب التقليدية كي تتصدر من جديد المشهد السياسي بعد ان كانت منبوذة في الشارع وبعدما كان معظم أبناء المحافظة يتجنبون إعلان تبعيتهم لاي حزب منها خوفا من أن يوضعوا في خانة الفاسدين او اتهامهم بمساندة قتل المحتجين.

وكشفت النتائج الأولية التي اعلنت عنها المفوضية العليا المستقلة للانتخابات أن تحالف “نبني” بزعامة منظمة بدر” حصد 5 مقاعد فيما حصل ائتلاف دولة القانون بزعامة “حزب الدعوة” على 4 مقاعد وكذلك قوى إدارة الدولة الوطنية بزعامة “تيار الحكمة” على مقعدين. 

أي أن هذه التحالفات الثلاثة حصدت 11 مقعد من أصل 18 مقعد فيما حصلت احزاب ناشئة تشرينية على مقعد واحد لكل منها، وكان اغلب الفائزين ينحدرون من أقضية ونواحي المحافظة ذات الانتماءات العشائرية.

ولا تمتلك الأحزاب التقليدية مقرا في ذي قار خلال حملتها الانتخابية بعد ان تم حرقها من قبل المتظاهرين في الأيام 2 و 3 من تشرين الأول عام 2019 ولم تجرؤ هذه الأحزاب حتى هذه اللحظة على الاعلان عن مقرات تواجدها خوفا من تعرضها للاعتداء من قبل محتجين.

ويعزو مراقبون عودة أحزاب السلطة للصدارة إلى عزوف شريحة واسعة من الشباب المعارض عن المشاركة في الانتخابات لعدم وجود حزب “نموذجي” يمثل بديل حقيقي وناجح على أرض الواقع. 

وكان الحزب التشريني الوحيد الذي مثل المحتجين في مجلس النواب هو حركة امتداد التي حصدت ارقاما كبيرة تجاوزت الـ 150 الف صوت آنذاك وبلغ عدد مقاعدها في البرلمان 9 منها 5 في ذي قار الا ان الحركة سرعان ما انفرط عقدها وانتقل بعض أعضائها الى احزاب السلطة مما شكل احباطاً لدى القواعد بحسب مختصين.

أستاذ العلوم السياسية الدكتور نجم الغزي يبين للمنصة ان واحدا من الأسباب التي قادت لتلك النتائج هو “غياب الثقة بالأحزاب التشرينية التي قررت خوض المنافسة وتمكن الأحزاب التقليدية من بث حالة اليأس بين الناخبين بأن لا فائدة من المشاركة وبالتالي تمكنها من التفرد في الشارع بالاعتماد على جمهورها المتواجد في أطراف المدن والوحدات الإدارية الأخرى”.

ويتابع بان “مقاطعة التيار الصدري جعلت هذه الأحزاب من دون منافس قوي يقف أمامها أما الأحزاب التشرينية والناشئة فلا تعتبر منافساً قوياً بعد فشلها في التجربة البرلمانية”.

ويرى الغزي ان “تشرين افتقدت لبناء كيان حزبي نموذجي ينطلق من تأسيس قاعدة جماهيرية محلية عبر مجالس المحافظات ويعمل في الميدان وبعدها يمكن ان ينطلق نحو مجلس النواب وليس العكس كما حصل”.

مدير مركز الجنوب للتخطيط الستراتيجي صلاح الموسوي في حديثه للمنصة يجد ان “الأحزاب الكبيرة متمكنة من السلطة والمال السياسي وبالتالي استطاعت ان توظف هذه الأدوات لمصالحها عبر الاغراءات التي تقدمها للشباب من درجات التعيين او فرص عمل أخرى أو أموال مما اعطاها زخما ودعما كبيرا للحصول على ما تبتغيه”.

ويرى الموسوي أن “أحد الأحزاب التشرينية الذي حصد 9 مقاعد في انتخابات مجلس النواب 2021 لم يتمكن من تحقيق النجاح بل لم يقاوم هو نفسه الاغراءات السياسية”.

الباحث السياسي قاسم الربيعي يؤكد ان أحزاب السلطة تمتلك جمهورا واسعا لكنه متمركز في اقضية ونواحي المحافظة خصوصا وان الكثير منهم متطوعون في الحشد الشعبي.

ويكمل الربيعي: “من المعروف أن مراكز المدن رغم مزاحها المعارض لكن لا يمكن الاعتماد عليها بشكل كبير في الانتخابات فضلا عن تشتت أصوات تشرين عبر ثلاث قوائم دخلت المضمار الانتخابي في ظل مقاطعة قوى معارضة أخرى، فلو تم التركيز على قائمة واحدة لتمكنوا من حصد عدد مقاعد مقبول”.

مدير المكتب الاقليمي لمنظمة تموز لمراقبة الانتخابات رزاق عبيد يبين ان “الخارطة السياسية للمرشحين منذ عام 2003 وحتى الان تجد فيها الفائزين ينتمون لاقضية ونواحي المحافظة في مجلس النواب ومجالس المحافظات وهم يشكلون نسب عالية جدا في تلك المجالس عكس ممن هم في مركز المدن”.

ويوضح ان “توجه الاحزاب الى العشائر واقضية المدن هو نتيجة تاثر تلك المناطق بالانتماء العشائري حيث يفضلون فوز ابناء قبيلتهم على غيره ويجدون ان العملية الانتخابية هي من تنقذهم من العوز والتهميش الذي يعانون منه عكس مراكز المدن، فأبناء المدينة غير متحمسين للانتخابات وهذا ما تم ملاحظته في جميع الانتخابات التي مرت على ذي قار”.

يذكر أن 11 عضوا من مجلس محافظة ذي قار الجديد المنتمين للأحزاب التقليدية يسكنون اقضية ونواحي المحافظة سوى واحد من سكنة مدينة الناصرية مركز المحافظة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى