خلاف بين الفصائل المسلحة بعد حادثة استهداف السفارة الامريكية في بغداد

بغداد- منتظر الخرسان

أثارت عملية استهداف السفارة الامريكية في بغداد بالصواريخ جدلاً بين الفصائل المسلحة بعد إعلان عدد من الفصائل عن عدم تأييدها لهذا النوع من العمليات.

ويرى خبراء عسكريون في عدم تأييد بعض الفصائل لهذا النوع من العمليات مجرد مناورة كي لا تتحول تلك الفصائل إلى هدف للمسيرات الامريكية التي سبق واستهدفت فصائل في مناطق عدة من العراق وأوقعت خسائر في الأرواح.

وأُطلقت فجر يوم الجمعة الثامن من كانون أول (ديسمبر) عشر صواريخ باتجاه مبنى السفارة الأمريكية الواقعة في المنطقة الخضراء في العاصمة العراقية بغداد وقع منها صاروخان في محيط السفارة الذي يضم سفارات أجنبية ومؤسسات حكومية عراقية دون أن تلحق اضراراً بالمبنى وانحرف منها ثمانية أصابت مبنى جهاز الأمن الوطني الذي تعرض لأضرار مادية.

العملية التي فاجأت مراقبين كثر أصابت الحكومة التي شكلها الإطار التنسيقي الشيعي بالحرج على ما يبدو خصوصا وان القوى السياسية في الحكومة تمتلك اجنحة مسلحة منضوية تحت لواء الحشد الشعبي، فيما اعتبر رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني أن مهاجمي البعثات الدبلوماسية “يقترفون إساءة إزاء العراق واستقراره وأمنه”، داعيا القوات الأمنية إلى “ملاحقة مرتكبي الاعتداء”. 

استهداف السفارة وقبله قصف قاعدة امريكية في العراق بصاروخ بالستي على إثر الحرب الدائرة في غزة دفع الجانب الأمريكي لخطوات دبلوماسية اكثر حدة، خصوصاً أن الفصائل بدأت تتعدى الحد المسموح به في محاولة الضغط على المصالح الامريكية.

فلم يتلقى رئيس الحكومة محمد شياع السوداني اتصالاً من وزير الخارجية الأمريكي بل كان من قبل لويد أوستن وزير الدفاع الذي أكد على امتلاك الولايات المتحدة حق الرد في المكان والزمان الذي تراه مناسباً.

لعل هذه الأحداث المتسلسلة دفعت بفصائل مسلحة مشتركة بالعملية السياسية إلى اتخاذ موقف علني تجاه ما حصل كي لا تقع في فخ الاستهداف العسكري أو العقوبات الاقتصادية، فأعلنت مجموعة مسلحة تطلق على نفسها اسم “الوعد الصادق العراقية” وهي فصيل منضوي تحت راية “المقاومة الإسلامية في العراق”، أعلنت عن رفضها عمليات استهداف السفارة مشيرة في بيان لها أن البعثات الدبلوماسية غير مسؤولة عن سلوك الأنظمة السياسية وأنها محمية وفق القوانين المحلية والدولية.

فيما غرّد حساب يحمل اسم “أبو علي العسكري” ينشر بالنيابة عن كتائب حزب الله العراقية بموقف مختلف تماماً على منصة “اكس” واصفا السفارة الامريكية بالقاعدة المتقدمة لادارة العمليات العسكرية والأمنية وبأنها “وكر للتجسس” وان “البعض يرى عزته بالانبطاح لها وتسويقها على انها بعثات دبلوماسية يجب حمايتها.. فتعسا لهم ولمنافعهم على حساب بلدهم”.

الباحث السياسي قاسم شويل في حديثه للمنصة يرى أن الفصائل المسلحة في العراق تعمل ضمن قسمين، أحدهما يمتلك اجنحة سياسية تشترك في الحكومة وهي فاعلة في الوقت الحالي وتعمل على تقوية وجود حكومة السوداني وتدعم الاستقرار السياسي وبناء روابط جيدة مع بقية البلدان فضلا عن مستوى الفائدة التي تكتسبها لصالح احزابها، أما القسم الآخر من الفصائل فلم يشترك بالحكومة متخذاً طريق مقاومة الوجود الامريكي وفي مقدمتها حركة النجباء وكتائب حزب الله.

هذان الصنفان بحسب شويل، وبالرغم من قربهما من بعضهما البعض “لكنهما لا يلتقيان عند نقاط معينة وبالتالي قد يتعاونان لكن تبقى نقطة الخلاف هي وضع الحكومة العراقية في زاوية الاحراج مع الدول العظمى”.

أستاذ العلوم السياسية نجم الغزي يجد ان الخلاف ظهر للعلن بعدما كان مخفيا نوعا ما، خصوصا بعد ان انخرطت بعض الفصائل في مفاصل الحكومة على عكس الفصائل الأخرى، وهو ما يعتبره الغزي “موقفاً حقيقاً وليس مجرد مناورة”.

ويشير الغزي إلى أن استهداف السفارة بشكل مباشر والقاعدة الامريكية في عين الأسد بصاروخ بالستي اثار غضباً أمريكياً، وهذا يعني ان الولايات المتحدة لن تسمح بتكرار هذا الفعل، لذلك كان اتصال وزير الدفاع الأمريكي برئيس الوزراء محمد شياع السوداني واضحا مما دفع الأخير لتسمية منفذي الهجمات بالإرهابيين وملاحقتهم بعد اجتماعات مع قيادات الإطارات التنسيقي، وهي خطوة يمكن أن تؤخر أي رد أمريكي تجاه تلك الفصائل في العراق.

ويرى الغزي ان صدور قرار أمريكي بسحب دبلوماسيي السفارة سوف يعني عدم حصول العراق على الدولار وسيكون أثره واضحاً في غضون أيام في الشارع، لذلك فإن “السوداني يدرك حجم الخطر المحدق جراء ما أقدمت عليه بعض الفصائل”.

واعلن الناطق العسكري باسم الحكومة اللواء يحيى رسول القبض على عدد من المتهمين باستهداف السفارة قائلاً إن لديهم صلة ببعض الاجهزة الامنية وهو ما يكشف مديات أخرى من التعاون بين منتسبين في مفاصل الجهاز الأمني والفصائل المسلحة.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى