في المؤتمر العالمي للمناخ.. رحلة التنقل بين المنطقتين الخضراء والزرقاء

إكسبو دبي – خلود العامري 

تتبدد تلك المتاهة التي يشعر بها الصحفيون في اليوم الأول لمؤتمر المناخ العالمي (كوب28) بعد يومين من التنقل بين البنايات والقاعات والاجنحة ويبدأ الجميع بتلمس الطريق شيئا فشيئاً.

تجربة التغطية الأولى لمؤتمر المناخ تبدو غريبة ولذيذة في الوقت ذاته، فالغرق في دوامة الخرائط والأماكن والزخم الكبير للأحداث والفعاليات كفيلة بأن تصيبك بالصداع وتجعل قدميك متورمتين بالكاد تصبران على التواجد في حذائك الرياضي المغلق لساعات طويلة قبل أن تستسلما لرغبتك في خلعه في زاوية بعيدة عن العيون.

أما اللذة فتكون في الكم الكبير من المعلومات التي يمكن الحصول عليها من بلدان اخرى تحاول اليوم او نجحت في يوم ما في ابتكار معين ساعدها في التكيف مع التغيرات المناخية التي تصيب العالم باجمعه.

في اليوم الأول للتغطية كنت أشبه بالمصراع الذي تحركه الأصابع فيدور بسرعة كبيرة ثم يتخبط ويتعذر فيما حوله قبل أن يتوقف، فالمنطقة الزرقاء التي دخلتها بعد قرابة ربع ساعة من إجراءات التسجيل كانت بالنسبة لي تشبه الى حد كبير مغارة علي بابا بل مغارات متداخلة فيما بينها.

تعلمت بعد ساعات من ذلك التيه كيف اقرأ الخرائط وأصل إلى المباني والأجنحة لكنني استثمرت تلك الساعات في التقاط الصور واخذ الفيديوهات قبل أن أنجح أخيرا في إجراء مقابلات عدة أرسلتها لاحقا إلى الشبكة.

فرحة بصيدي الثمين عدت في يومي الاول الى الفندق في السادسة مساءً وتابعت من هناك عملي مع فريقي في العراق، وقررت زيارة المنطقة الخضراء في اليوم الثاني لاستكشافها وهنا كانت المفاجأة.

فعاليات فنية ورقص وغناء وترويج مختلف للأفكار في تلك المنطقة، اختفت معها الأزياء الرسمية والاجتماعات والجلسات الجدية وحلت محلها ملابس عادية وأخرى ملونة وانتشرت فعاليات الرقص والتمثيل الايحائي حول قضايا المناخ وعرفت في تلك اللحظة لماذا عاد زملائي المتواجدين في تلك المنطقة بكامل نشاطهم في اليوم الأول للتغطية.

كان فريقنا يضم صحفيين من دول عربية عدة حصل القليل منا على تصريح الدخول للمنطقة الزرقاء وبقي آخرون في الخضراء منذ بدأوا بالتغطية الجمعة الماضي، ثم بدأ الزملاء في المنطقة الخضراء يطلبون منا المساعدة في أخذ بعض التصريحات لتواجدنا في منطقة دسمة بكبار المسؤولين والمفاوضين من بلدان عدة.

“انها لا تصلح للصحفيين لاننا لم نتمكن من فعل اي شيء فيها سوى التفرج، واستعنا بزملائنا الذين لديهم تصريح عبور إلى المنطقة الزرقاء للحصول على تصريحات وفي أحيان كثيرة كنا نواعد بعض المسؤولين في المنطقة الخضراء لكنهم لا يتمكنون من الحضور دائما بسبب انشغالاتهم بجلسات المنطقة الزرقاء” يقول الصحفي منجد جادو الذي يعمل في شبكة فلسطين الاخبارية .

يصف الصحفي محمد الباسم مراسل موقع “يلا” وضعه مع زملائه الذين يتواجدون في المنطقة الخضراء لعدم تمكنهم من الحصول على تصريح دخول الى الزرقاء بعبارة “نجلس وننتظر في وجوه بعضنا فقط ، فلم نتمكن من تغطية أي شيء”.

يومي الثاني في المنطقة الخضراء انتهى قليل الدسومة من ناحية الإنجاز وقررت أن أعود إلى منطقة تواجد الوفود لاستكمال عملي.

 كان هذا اليوم أسهل بكثير من يومي الاول حيث أصبحت أكثر خبرة في قراءة الخرائط ومعرفة تواجد الأجنحة التابعة للدول وكان أول الصيد مظاهرة تطالب بالعدالة المناخية ثم خمس لقاءات وفيديوهات وصور تكفي ليومين وفي هذا اليوم فقط اكتشفت البوابة التي تربط بين المنطقتين الزرقاء والخضراء واختصرت على نفسي طريقا طويلا كنت اقطعه بأكثر من ساعة للانتقال بين المكانين.

خطتي التي وضعتها قبل سفري من العراق انقذتني في أحيان كثيرة وساعدتني في تشخيص ما اريد إنجازه لكن في الغالب يتعرض الصحفيون إلى مفاجآت لم يتوقعوها ولم يحسبوا حسابها مثل نوعية الطعام وصعوبة التوفيق بين ساعات العمل وإيجاد فرصة للترفيه وزيارة المدينة وبعد خمسة أيام في دبي ارجو ان لا يسألني احد عن مشاهداتي والأماكن التي زرتها لأنني لم أسلك في هذه المدينة سوى طريقا واحدا عبر المترو من الفندق في محطة دبي للانترنت الى إكسبو 2020 والعودة مع الخط ذاته.

 

هذا المحتوى بدعم من برنامج قريب، قريب هو برنامج إقليمي تموله الوكالة الفرنسية للتنمية AFD، وتنفذه الوكالة الفرنسية للتنمية الإعلامية CFI.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى