هل حكومة السوداني جادة بشأن المطالبة بانسحاب القوات الامريكية؟

بغداد- منتظر الخرسان

يرصد مراقبون تحولاً مفاجئاً في قواعد الاشتباك الأمريكي في العراق التي عرف عنها خلال السنوات الماضية النفس الطويل في اتخاذ القرارات والرد على التهديدات.

إذ أطلقت واشنطن طائراتها المسيرة لاستهداف مقر تابع لأحد الفصائل المسلحة وسط بغداد يتواجد فيه “أبو تقوى” مع رفيقه، وهو أحد أبرز القيادات في حركة النجباء الموالية لإيران ومتهم من قبل الامريكان بالتخطيط لاستهداف قواعدهم، مما أثار ردود فعل كبيرة على المستوى السياسي والحكومي.

وأعلن البنتاغون أن عملية الاستهداف كانت “إجراءً ضرورياً” لحماية مصالح الولايات المتحدة و”دفاعاً عن النفس” فيما حملت القوات المسلحة العراقية قوات التحالف الدولي التي تقودها الولايات المتحدة مسؤولية هذا الهجوم ووجدته غير مبرر بحسب بيان لها جاء فيه أن “هذا الأمر يقوض جميع التفاهمات ما بين القوات المسلحة العراقية وقوات التحالف الدولي”.

لم تتوقف الحكومة العراقية عند هذا الحد بل أعلن رئيس الوزراء محمد شياع السوداني أثناء كلمة له في المهرجان التأبيني السنوي لرحيل ابو مهدي المهندس وقاسم سليماني الذي أقامه الحشد الشعبي أن الحكومة تؤكد موقفها “الثابت والمبدئي” بإنهاء وجود التحالف الدولي بعد أن انتهت مبررات وجوده، وأنها “بصدد تحديد موعد بدء الحوار من خلال اللجنة الثنائيةِ التي شُكلت لتحديد ترتيبات انتهاء هذا الوجود، وهو التزام لن تتراجع عنه الحكومة، ولن تفرطَ”. وتأكيداته هذه جاءت بعد يوم واحد على مقتل القيادي في حركة النجباء ابو تقوى.

الهجوم الأمريكي حمل رسائل متعددة وذات أبعاد مختلفة وفقاً لمختصين أولها يمثّل تهديداً صريحاً وواضحاً لحركة النجباء ومن يسير بنهجها أن الاستمرار بالعمليات العسكرية ضد القوات الامريكية سيدفع الولايات المتحدة لتكثيف هجماتها على المواقع وقيادات الفصائل المتورطة في هذه الأعمال ومنها حركة النجباء النشطة في سوريا والعراق بالإضافة إلى كتائب حزب الله العراقية.

أما الرسالة الثانية فهي لحكومة السوداني بان عدم حماية التواجد الأمريكي في العراق سيزيد من تصعيد الولايات المتحدة العسكري ومن عدد ضرباتها لإبعاد الخطر عنها.

فيما تخصّ الرسالة الثالثة حكومة طهران، فالولايات المتحدة قادرة على تحديد القيادات الإيرانية المتواجدة في المنطقة واستهدافها كما حصل مؤخراً مع اغتيال المستشار العسكري للحرس الثوري اللواء رضي الموسوي وهي عملية لم تخلو من رسائل موجهة للداخل الامريكي، اذ يرى المختصون بان اغتيال شخصية أمنية إيرانية بهذا المستوى يوضح ان واشنطن جاهزة لتقديم بديل عملي عن النهج السابق للإدارة الأمريكية الحاكمة في عهد ترامب.

أستاذ علوم السياسية قاسم شويل يبيّن للمنصة أن دخول قوات التحالف إلى العراق مجدداُ بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية بعد إنهاء تواجد الاحتلال عام 2011 كان بناء على اتفاقية وطلب من الحكومة العراقية إثر تهديدات تنظيم داعش عام 2014، وبالتالي فإن وجود القوة العسكرية الأمريكية لم يكن خارج السياقات الدبلوماسية.

ويرى أن “أي محاولة لإنهاء تواجد التحالف الدولي ليست بالأمر السهل سيما وأن وجود هذه القوات بمحاذاة إيران التي تعد العدو الأساسي لها في المنطقة ضروري لأمن الولايات المتحدة القومي مما يدفعها إلى عدم الخروج من العراق مهما فعلت الحكومة”.

ويجد شويل أن “أي خطوة مقبلة تهدف لإخراج هذه القوات ممكن ان يجعل الولايات المتحدة تلجأ إلى ممارسة الضغوطات الاقتصادية وهو ما لمسته الحكومة في الأشهر الماضية عندما تغير سعر صرف الدولار وأثار مشاكل كثيرة في السوق الداخلي العراقي”.

وكشفت صحيفة بوليتيكو الامريكية ان رئيس الوزراء محمد شياع السوداني ابلغ مسؤولين امريكيين سرا انه يريد التفاوض بشأن ابقاء القوات الامريكية في العراق بالرغم من تصريحاته الاخيرة واشارت الصحيفة انها تمتلك برقية صادرة عن وزارة الخارجية الامريكية في السادس من كانون الثاني 2024 تضمنت ان كبار مستشاري السوداني ابلغوا المسؤولين الامريكين ان التصريحات الاخيرة هي لارضاء الجماهير وانه ملتزم بالتفاوض بشان التواجد المستقبلي للتحالف الدولي.

أما المتحدث باسم وزارة الدفاع الأمريكي باتريك رايدر فذكر في تصريح صحفي ان لا علم لديه حول اي تخطيط للانسحاب وان القوات الامريكية تواصل التركيز على مهمة هزيمة داعش وليس لديه اي علم بأخطار من بغداد حول قرار سحب القوات الأمريكية.

الباحث السياسي صلاح الموسوي استبعد خروج قوات التحالف الدولي وتحديدا القوات الأمريكية لعدم وجود توافق سياسي بين جميع الأطراف العراقية وفي مقدمتها الكتل السنية والكردية، “فهم لا يمانعون وجود هذه القوات علماً أن كبرى القواعد العسكرية الامريكية في الانبار واربيل والموصل”.

ويصف الموسوي خطوة رئيس الوزراء محمد شياع السوداني نحو انهاء تواجد التحالف بأنها ردة فعل حكومية لامتصاص الغضب، فقد سبق هذا التصريح تصويت برلماني عام 2020 يلزم حكومة عادل عبد المهدي بإنهاء التواجد العسكري الأمريكي بعد حادثة استهداف نائب رئيس هيئة الحشد الشعبي ابو مهدي المهندس وقائد فيلق القدس الايراني قاسم سليماني لكن بقيت القوات على ما هي عليه، وفي فترة حكومة مصطفى الكاظمي تحول مضمون وجود قوات التحالف من قوة قتالية الى استشارية.

وتلقى العديد من المواطنين العراقيين رسائل SMS عبر هواتفهم النقالة تتضمن سؤال “هل أنت مع استمرار مهمة التحالف الدولي في العراق” وطالبت الحكومة المواطنين المساهمة بالتعبير عن رايهم عبر رابط إلكتروني في الرسالة.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى