بعد إحراق مقارّها: الأحزاب التقليدية تخشى التواجد العلني في الناصرية

ذي قار- منتظر الخرسان

مع اقتراب موعد انتخابات مجالس المحافظات يتمسك نشطاء سياسيون في مدينة الناصرية بشعار “مدينة منزوعة الأحزاب” إذ لا مقرات ولا حركات سياسية علنية ناشئة كانت او تقليدية بعد ان أقفلها او أحرقها التشرينيون في حراكهم الاحتجاجي عام 2019.

قيادات تلك الحركات والأحزاب ومنذ اللحظة الأولى لاندلاع النيران في مقارها، لم تتمكن من إعادة فتحها خوفا من إثارة الشارع في هذه المدينة التي لم تنطفئ فيها شعلة الاحتجاجات، فكانت آخر مدينة انسحب فيها المحتجون من ساحة التظاهر في تشرين الثاني (نوفمبر) 2020.

وكانت الأيام الأولى من تشرين الأول (اكتوبر) 2019 قد شهدت انطلاق مظاهرات احتجاجية قادتها شريحة من الشباب المطالب بالتغيير والمنتفض ضد الأحزاب الحاكمة، ليشعلوا النيران في جميع المقار الحزبية.

أولى المقار التي تعرضت للحرق آنذاك كان مقر تيار الحكمة، تلته مقرات حزب الدعوة والحزب الشيوعي ومن ثم منظمة بدر وبعدها حزب الدعوة تنظيم العراق فحركة حزب الله وحزب الله في العراق وسرايا الخرساني، وبعدها بأيام أشعل متظاهرون النيران في مقر عصائب أهل الحق.

آثار الحريق على جدران المكاتب والمقرات الحزبية بقيت إلى اليوم، فلم يدخلها أي شخص او يحاول استغلالها باستثناء مقرا واحد كان لحزب الدعوة تنظيم العراق وأصبح اليوم مكتباً لدائرة الإرهاب والاستخبارات التابعة لوزارة الداخلية.

لم ينته الأمر عند حرق هذه الأماكن مرة واحدة بل كان بعضها يحرق مجدداً عند صدور قرار يعارضه المتظاهرون أو وقوع اعتداء على أحدهم.

وكان أكثر المقرات تضررا مقر منظمة بدر إذ تجاوز فيه الحرق عشر مرات، وتلاه حزب الدعوة المقر الرئيس الذي اشتعلت فيه ألسنة اللهب أكثر من سبع مرات، كما أن بعض المقرات لم تسلم من حملات التجريف والهدم لاجزاء منها على خلفية حادثة اختطاف الناشط سجاد العراقي.

ردة الفعل هذه تطاول فقط الأحزاب التقليدية بل حتى الأحزاب الناشئة التي انبثقت من رحم تشرين لم تتمكن من أن تنشئ أي مقر أو مكان لها، والبعض منها كحركة “امتداد” الذي يتزعمها الدكتور علاء الركابي أعلن عن تأسيس حزبه في محافظات أخرى.

هذه الأحزاب تم منعها جميعاً من إطلاق أية دعاية انتخابية في أول انتخابات نيابية عام 2021 باستثناء حركة “امتداد” التشرينية ذات الدعاية الانتخابية الخجولة وفي أماكن بعيدة عن الأنظار، فقد تم تمزيق معظم صور المرشحين التي تم تعليقها لتكون الناصرية بذلك هي المدينة الوحيدة التي تجرى في انتخابات من دون أي دعاية للمرشحين.

ومع اقتراب موعد انتخابات مجالس المحافظات في 18 كانون الأول (ديسمبر) القادم تلجأ الأحزاب السياسية التقليدية والتشرينية للتوجه نحو الدواوين والمضايف العشائرية للتواصل مع جمهورها بعيدة عن مراكز المدن والتجمعات المعروفة.

فيما لجأت بعض الأحزاب التقليدية الى فتح اللقاء في أماكن سرية يجتمع بها أعضاء الحملة بعد أن كانت مقراتهم في الانتخابات السابقة أشبه بمخازن لتوزيع الملابس و”البطانيات” وأجهزة كهربائية على الناخبين في محاولة لشراء أصواتهم.

مدير مكتب انتخابات ذي قار فلاح الموسوي أشار للمنصة ان عدد المرشحين المسجلين حالياً لخوض الانتخابات بلغ 337 مرشحا عن 8 تحالفات و4 احزاب فيما يبلغ عدد مراكز الاقتراع التي من المؤمل ان يدلي الناخبين فيها باصواتهم 473 مركزا عاما وخاصا.

ناطق الخفاجي وهو احد المتظاهرين في تشرين بيّن للمنصة أن منع مرشحي الانتخابات من الظهور عبر الدعاية الانتخابية امر ضروري، “فنحن نرفض أصلاً إجراء هذه الانتخابات ونرى أن مجالس المحافظات بشكلها الحالي ما هي إلا باب من أبواب الفساد” على حد وصفه.

عضو حزب الدعوة الاسلامية في ذي قار رزاق كشيش أكد للمنصة عدم حاجة حزبه وأحزاب أخرى لمقرات قائلاً إن “التواصل مع الجمهور لا يعتمد حالياً على وجود مقر سياسي بل يعتمد في الاساس على الطريقة السابقة التي كانت الاحزاب تسلكها عندما كانت خارج العراق” 

وأضاف أن “الظروف الحالية التي تمر بها المحافظة لا تسمح للأحزاب بإيجاد مكاتب سياسية لممارسة دورها كما كان في السنوات الماضية”.

أما نزار السعيدي وهو عضو في منظمة بدر فأكد بأن لدى المنظمة مقرات حزبية جديدة اعدادها لا باس بها “لكنها غير معلنة للجميع نتيجة الظروف الامنية الحالية”. 

وذكر السعيدي أن “ممثلاً عن كتلتنا الانتخابية في تواصل مباشر مع مكتب المفوضية العليا المستقلة للانتخابات فضلا عن تواصلنا المباشر مع الناخبين واستعدادنا للترويج لبرنامجنا الانتخابي”.

فيما يرى صلاح الموسوي مدير مركز الجنوب للدراسات أن “القواعد الشعبية للأحزاب السياسية التقليدية تتمركز في الأرياف، ففي كل عملية انتخابية تسجل مراكز الاقتراع في الاقضية والنواحي زخما عالياً من الناخبين عكس مراكز المدن، وبالتالي تجد حراك الأحزاب وتمركزها هناك في ظل الظروف الحالية بغرض الابتعاد عن أماكن تواجد المتظاهرين من تشرين”.

 

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى